ما هو الإسلام
لكل ديانة أي ديانة سماوية كانت أم أرضية أهداف وغايات تحث أتباعها على الوصول إليها ، وديانات الله السماوية برغم تباعد الأزمان بينها واختلاف البيئات التي نشأت فيها تهدف إلى غايات متحدة ترمي كلها إلى خير الإنسان وسعادته.
غير أن كل الديانات السابقة للإسلام لم تكن عامة لجميع البشر ولم تكن ختامية لا تعقبها أية رسالة ، وكان من إرادة الله ومشيئته أن تكون رسالة الإسلام خاتمة لكل الرسالات والشرائع فلا تكون بعدها رسالة ولا يكون بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم نبي .
إن من شرائط الدين العالمي الذي يطلب من جميع الناس الإيمان به واتباعه أن يحدد أهدافه العامة تحديدا لا يلتبس على إنسان ولا يفهمه إنسان دون آخر ، وأن تحقق هذه الأهداف سعادة الناس جميعا فلا تسعد بها أمة وتشقى بها أخرى ، وأن يكون في هذه الأهداف من المرونة ما يجعل تطبيقها والسعي إليها ممكنا في كل العصور فلا يستطاع تطبيقها في عصر دون عصر ولا يعسر العمل بها في زمان دون زمان .
إن أهداف الإسلام واضحة شاملة كفيلة بالسعادة والهناء لجميع شعوب الأرض إذا ما اتبعت هديه وفهمته على الوجه الصحيح وطبقته بالطريقة التي كان يطبق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه الله من هديه وإرشاده .
ومن أهم أهداف الإسلام التي ينادي بها ويسعى لتحقيقها :
1- تنزيه مقام الألوهية ، فالله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وهو خالق الكون ومسير شؤونه وحافظ توازنه ، وميسر سبل الحياة لخلقه فيه ، فهو المستحق وحده للعبادة ويجب أن يتوجه إليه العبد في عبادته وأن يقصده وحده سبحانه بالعبادة والخضوع والدعاء والخوف والرجاء .
2- تربية ضمير الإنسان ودوافعه نحو مجتمعه ، تجعله هذه التربية يتعاون مع أبناء مجتمعه على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان ، ويسعى جاهدا ليحقق مصلحة أمته ومجتمعه لينعم الجميع فيه بالخير والأمن والاستقرار وتتوفر فيه كل متطلبات الحياة للإنسان أي إنسان مهما كان لونه أو دينه أو جنسه .
والمسلم في تعاونه هذا لا يخشى قانونا قد يعاقبه وقد يفلت منه ، ولا يخشى حكومة قد تعلم تفريطه وقد لا يبلغها من أمره شيء ، وإنما يخشى إلها بصيرا مطلعا عالما بالسرائر يقف بين يديه كل يوم خمس مرات يقدم الخضوع له ويلتزم أوامره ونواهيه ويبقى على اتصال مع خالقه في ليله ونهاره فينمو لديه الشعور بالمسؤولية والرقابة لا مسؤولية العبد تجاه العبد بل مسؤولية العبد أمام خالقه سبحانه وتعالى .
3- نشر السلام في العالم عن طريق أخوة الإسلام وأخوة الإنسانية فالمسلم يتحد مع أبناء جنسه لتحقيق مصلحة الإنسانية بشكل عام ، ونشر السلام في كافة أنحاء الأرض ، ولا يرى الإسلام ضيرا في تعاون المسلمين مع غيرهم لتحقيق مصالح البشرية جمعاء ، فالناس جميعا أبناء جنس واحد كرمهم الله على غيرهم من المخلوقات دون تحديد هذا التكريم بجنس أو لون أو دين قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم ) الإسراء 70 .
4- احترام العقل الإنساني وإعطائه المكانة الصحيحة والتأكيد على استخدامه وإعماله في كل نواحي الحياة ، لأن هذا العقل هو سبب تكريم هذا الإنسان عن غيره من المخلوقات فالكون كله مسخر لخدمته وتحقيق سعادته فيبقى دوره في إعمال عقله بما يحقق نموه وتطوره وعمارته للأرض بعيدا عن كل ما يسبب الضرر له بشكل خاص ولبيئته وأبناء جنسه بشكل عام .
وأخيرا فإن الإسلام أمر أتباعه بواجبات ونهاهم عن منهيات لم يكن الهدف منها إرهاق النفس الإنسانية وإشغالها بل كان الهدف منها تهذيب النفس الإنسانية وحمايتها من الانحراف والضلال ، وتحقيق ما فيه مصلحتها وسعادتها في الدنيا والآخرة ، فالإسلام جاء لجميع البشر وفيه خير للإنسانية جمعاء .